اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . logo إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
shape
باب بدء الوحي من صحيح البخاري
78996 مشاهدة print word pdf
line-top
اختلاف مصاحف الصحابة في ترتيب سور القرآن

...............................................................................


ذكروا أنه كلما نزلت آيات يقول: ضعوا هذه الآيات في موضع كذا وكذا في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا فيرتب القرآن، فترتيب الآيات بالنص، وأما السور فذكروا أن ترتيبها بالاجتهاد؛ ولهذا قالوا: اختلفت مصاحف الصحابة في ترتيب السور ، قدم بعضهم سورة النساء على سورة آل عمران، وقدم بعضهم سورة الأعراف على سورة الأنعام، وبعضهم قدم سورة التوبة على سورة الأنفال؛ ولكن ترتيب السور أن السورة تبدأ بكذا وتختم بكذا هذا منصوص عليه يعني: توقيف من النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولأجل ذلك كان يقرأ القرآن في الصلاة ويتابعونه، فكان في الصلاة ربما قرأ خمس صفحات أو عشر صفحات في الصلاة الواحدة، مما يدل على أن السور مرتبة على وضعها هكذا، التي أولها مثلًا ( الر ) تفتتح بكذا بـ ( الر ) وتختم بما هو مختومة به في هذه المصاحف، كل سورة فإن هذا ترتيبها.
فالصحابة لما كتبوا المصاحف أحبوا أن تتوالى السور ولو كان بعضها أطول من بعض إذا كان افتتاحها سواء، فجعلوا السور التي أولها ( الر ) متتابعة ولو كان بعضها قصيرًا أقصر من السور التي بعده، فإن سورة الرعد وسورة إبراهيم وسورة الحجر مفتتحة بـ ( الر ) أو ( المر ) قدمت على سورة النحل وهي أطول منها، وكذلك سورة الإسراء وسورة الكهف هن أطول من هذه السور؛ ولكن أرادوا بذلك أن تتوالى هذه السور.
وكذلك سور ( الم ) إلا أنهم قدموا البقرة وآل عمران وذلك لطولها، فبقية ( الم ) أربع أخروها وجعلوها في مكان مناسب وجعلوها متوالية، العنكبوت إلى السجدة، وكذلك سور ( طس ) أو ( طسم ) جعلوها متوالية، وسور آل ( حم ) جعلوها أيضًا متوالية؛ سبع سور، فهذا اجتهاد منهم، وأما نفس السورة آياتها مثلًا آيات البقرة مائتان وست وثمانون كلها ترتيبها كان على العهد النبوي، ترتيب الآيات.
وبكل حال نعرف أن الله سبحانه وتعالى حفظ هذا الوحي، وأنه بينه للنبي صلى الله عليه وسلم لقوله: ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ تكفل الله تعالى ببيانه، والنبي صلى الله عليه وسلم أيضًا بينه لأصحابه امتثالًا لأمر الله حيث قال له: وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وأخبر عبد الله بن حبيب السلمي قال: حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن -عد منهم علي بن أبي طالب وعثمان بن عفان وزيد بن ثابت - أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات لم يتجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها، قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعًا. مما يدل على أن الله تعالى بين له ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ وأنه هو أيضًا بين لأصحابه وفسر لهم ما أشكل عليهم، فأصبح القرآن والحمد لله محفوظا، وأصبح الوحي الذي هو السنة أيضًا محفوظة في كتب أهل العلم، فلم يبق لأحد مطعن في هذه الشريعة والحمد لله.

line-bottom